من مدينة حمص - سوريا - كانت ولادتها قصة وكانت أولى بذور .. طبعا للأهلها الدور الأول والبيئة الأولى ..ولعل قراءة قصص الأطفال بما يتوفر وسماع حكايا الجدة لها الأثر الجميل في قصصها .. وهذه بعض كتبها ..
في القصة :
مساحة للحياة 1996 دار المعارف حمص
رغبات بيضاء 2003 دار اليمامة حمص
زقورة مريم 2006 دار العوام دمشق
القصة الأخيرة 2010 دار الشمالي حمص
تحت الطبع : أهل المغارة قصص
السيرة الحمودية رواية
هنا حمص رواية
الجوائز:
جائزة فرع حمص لاتحاد الكتاب حمص لعامين متتالين 2000و2003
جائزة المجموعات القصصية عن مجموعة زقورة مريم في مسابقة المزرعة 2006
جائزة وزارة الداخلية في سوريا 2010
الكاتبة فاديا عيسى قراجه
حكاية لون
اصطفوا دون فوضى.
تجمعت كنزات حمراء, وصفراء, وخضراء, وزرقاء..
سيطر الشغب, والصدامات المتعمدة, تعالت الزفرات, خرج القشع مع السعال..
جأر الصوت ثانية:
كان يتكلم, وتحدق به عشرات العيون الصغيرة متلافية نثرات لعابه المتطاير, أكمل كمن ضاق ذرعاً :
تدافعت الأقدام الصغيرة, تضاربت الأكتاف الممزقة, تسابقت القضبان السمراء للإمساك بمقاود معدنية, وجرت العربات التي تنتفض في داخلها عشرات الصيصان الحمراء, والصفراء, والخضراء, والزرقاء..
اخترقت الشمس عظم الساحات المقفرة إلا من هذه الكتل اللحمية المعتقلة في جيوب المتورمين...
دفع رامي عربته عبر الأزقة الضيقة, والواسعة حيث الشمس تواطأت مع الأمكنة كلها... لاحظ أن رقبة الصوص الأصفر تميل على صدره, مد يده من كوة العربة الزجاجية, سحب الصوص المريض, نقط الماء في فمه, دلك صدره ورأسه بيدين ضعيفتين, همس في أذنه بأدعية طفلية, لكن الصوص فرد جناحيه, واستسلم لقدره بصوفية فريدة..
أحرقت الدموع وجنتي رامي, ماذا سيفعل الآن؟ من سيقنع المعلم بألا يخصم من أجرته؟ وهذا الصوص, من سمح له أن يموت الآن؟!
هب الهواء, توقفت الرياش على كنزة رامي الصفراء, فأكملت رسم لوحة تتضارب فيها كثافة الغبار مع خطوط العرق والدموع...
جلس في ظل نافذة صغيرة, وبيده الصوص المحتضر, اندفع صوت أمه وأبيه كقذيفة فجرت صمت المكان.. لم يفهم يوماً عن أي شيء هما يتجادلان.. دموع أمه، حيرة أبيه.. تربصه في زاوية الغرفة كعنكبوت كسول.. نقاشات حادة, عقيمة, حسابات دقيقة, حاجيات يستغنى عنها يوماً بعد يوم..
تزاحمت أصوات رفاقه, دوى ارتطام كرتهم بقضبان ذاكرته.. كان رفاقه يدعونه لينضم إلى لعبتهم الشقية.. لكنه يكمل طريقه حيث متجر المعلم, فتلاحقه صرخاتهم, وزعيق الجيران الذين لم يبق في نوافذهم زجاج لم تكسره كرة الأولاد.. تسرب أنين الصيصان, انطبعت أنفاسها الملفوظة على زجاج العربة, ذابت ألوانها التي لم تكلف المعلم أكثر من ضربة فرشاة مغموسة في دهان فاسد..
غرق جسد رامي في لزوجة حارة, أطبق صوت المعلم كمصيدة متخمة..
تراشقت نثرات لعابه, غطت رامي, والعربة والساحات.
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]