أحمر شفاه
لماذا أهرب مجددا؟
و حبري أغرق الدفاتر
و دمشق تبكي بعيوني
تفرح بعيوني جزائر
و هران غافية بسريري
فكيف أغازل؟
فكيف أسامر؟
أحمر الشفاه يبكي شفتيك دمشق
يبكبي شفتيك يا شام
أحمر شفاه مقبرة لا عجب
و مليون شهيد يا عرب
و مازلنا حول أنفسنا ندور
نسافر
أين شراع سفننا؟
أين أبواب بيوتنا؟
هل رحلت عنا
مثل الخيول و الخناجر
أحمر شفاه
و آه كيف تسكنه جزائر
بضفافها و أشجارها و دمائها
و مدنها و عقودها و الأساور
آه و كم توجعني الكتابة
بأحمر الشفاه فوق زيفنا
و تاريخنا العاثر
و كم يوجعني أن أخط الحرف
و دواتي قلب شهيد
أو قلب ضعيف أو قلب جوع
أو قلب ياسمينة أو قلب عاهر
لكن هاكذا فرضت علي قلوب المحابر
هكذا طلب مني القدر
أن أخلق مساء دمشقيا
و ألملم من وجوه نساء الجزائر قمر
بحثت في كل التاريخ
فلم أجد سوى نهرا من الدمع يجري
على خرائطنا العربية
يروي عقولنا المعلقة
بين أفكارنا المعتقة
على ضفاف بحيرة بيرا
و أغصان السجائر
لماذا أهرب مجددا
و قصت كل الظفائر
و كتب الدستور على السنابل
و الأوارق و الأطباق و فناجين و الستائر
سأكتب بأحمر الشفاه
و أبعث كل الرسائل
و أفك كل الجدائل
و أفضح كل أسرار القبائل و العشائر
فعذريني دمشق
فعذريني جزائر
إني عربي لا أؤمن بدستور عربي
فوصفوني أني كافر
فلسطين تزورني كل مساء
بفستانها المقصوص
و نهدها المكشوف
و بيروت عارية يغسل جنابتها
ألف شاعر و شاعر
فماذا أستر من تاريخنا الفاخر؟
الذي نسكب فوقه العطور بحور
كي لا نشم القذائر
فعذريني دمشق
فعذريني جزائر
لإني كتبت بأحمر الشفاه
و أبكيت أرواح الشهداء
للمرة الألف فوق الدفاتر
ايمان/ الشام جنتي جنتي